.
[size=21][size=21]رحمة النبى فى التعامل مع المخطئ
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا سجل لمشاهدة الروابط
الأخلاق الإسلامية عبارة عن المبادئ والقواعد المنظِّمة
للسلوك الإنساني، والتي يحدِّدها الوحي لتنظيم حياة الإنسان على نحوٍ
يحقِّق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل والأتمِّ.
ويتميَّز هذا النظام الإسلامي في الأخلاق بميزتين:
الأوَّل: أنه ذو طابع إلهي، بمعنى أنه مراد الله - سبحانه وتعالى.
الثاني: أنه ذو طابع إنساني؛ أي: للإنسان مجهود ودخل في تحديد هذا النظام
من الناحية العملية، وهذا النظام هو نظام العمل من أجل الحياة الخيِّرة،
وهو طراز السلوك وطريقة التعامل مع النفس والله والمجتمع.
وهو نظام يتكامَل فيه الجانب النظري مع الجانب العملي منه، وهو ليس جزءًا
من النظام الإسلامي العام، بل هو جوهر الإسلام ولبُّه وروحه السارية في
جميع نواحيه؛ إذ النظام الإسلامي - على وجه العموم - مبنيٌّ على مبادئه
الخُلُقية في الأساس، بل إن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية على
الإطلاق؛ فالرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنما بُعِثت لأتمِّم
مكارم الأخلاق))، فالغرض من بعثته - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو إتمام
الأخلاق، والعمل على تقويمها، وإشاعة مكارمها، بل الهدف من كلِّ الرسالات
هدف أخلاقي، والدين نفسه هو حسن الخلق.
ولِمَا للأخلاق من أهمية نجدها في جانب العقيدة؛ حيث يربط الله - سبحانه
وتعالى - ورسوله بين الإيمان وحسن الخلق؛ ففي الحديث لما سُئِل الرسول: أي
المؤمنين أفضل إيمانًا؟ قال: ((أحسنهم أخلاقًا)).
وعلى الرغم من أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يُعرَف بين قومه من
قبل الرسالة بالصادق الأمين، فكان اصطفاء الله - عز وجل - له زيادة على
هذه الأخلاق، فكان موصِّلاً أمينًا لصورة الأخلاق المطلوبة على وجه الأرض
من قبل السماء، ولأن الأخلاق لا تظهر على حقيقتها إلا بالاختلاط بالناس
والاحتكاك بهم، كانت الأمثلة الواقعة في حياته الشريفة - صلَّى الله عليه
وسلَّم - أعظم مثل وقدوة على قضية الأخلاق وحسن المعاملة من الجانب العملي
إلى البشرية.
قد وضحت عشرات المصادر أخلاقه وتعاملاته مع غير المسلمين في الدعوة، ومع كل المستويات الثقافية والعلمية والأدبية المختلفة:
1- مؤامرة لاغتيال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
كان من أثر هزيمة المشركين في وقعة بدر أن استشاطوا غضبًا، وجعلت مكة تغلي
ضد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى تآمَر بطلان من أبطالها أن يقضيا
على مبدأ هذا الخلاف والشقاق والذل والهوان - في زعمهم - وهو النبي - صلَّى
الله عليه وسلَّم.
كان عمير بن وهب من شياطين قريش، وكان ممَّن يؤذي رسول الله - صلَّى الله
عليه وسلَّم - وأصحابه بمكة، فلمَّا أُصِيب أصحاب بدر جلس مع صفوان بن أمية
في الحِجْر بعد وقعة بدر بيسير، وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر، فذكر
أصحاب القَلِيب ومصابهم، فقال صفوان: والله إنْ في العيش بعدهم خيرًا، قال
له عمير: صدقت والله، أمَا والله لولا دَيْن عليَّ ليس له عندي قضاء،
وعيال أخشي عليهم الضَّيْعةَ بعدي، لركبتُ إلى محمد حتى أقتله، فإنَّ لي
قِبَلَهم عِلَّةً؛ ابني أسير في أيديهم.
فاغتَنَمَها صفوان وقال: عليَّ دينك، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي،
أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم، فقال له عمير: فاكتم عنِّي شأني
وشأنك، قال: أفعل، ثم أمر عمير بسيفه فشُحِذ له وسُمَّ، ثم انطلق حتى قدم
به المدينة، فبينما هو على باب المسجد ينيخ راحلته رآه عمر بن الخطاب - وهو
في نفرٍ من المسلمين يتحدَّثون ما أكرمهم الله به يوم بدر - فقال عمر: هذا
الكلب عدو الله عمير ما جاء إلا لشر.
ثم دخل على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا نبي الله، هذا عدو
الله عمير قد جاء متوشحًا سيفه، قال: ((فأدخِله عليَّ))، فأقبل إلى عمير
فلَبَّبَه بحَمَالة سيفه، وقال لرجالٍ من الأنصار: ادخلوا على رسول الله -
صلَّى الله عليه وسلَّم - فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث؛ فإنه
غير مأمون، ثم دخل به، فلمَّا رآه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -
وعمر آخِذ بحَمَالة سيفه في عنقه قال: ((أرسله يا عمر، ادنُ يا عمير))،
فدنا وقال: أنْعِمُوا صباحًا، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قد
أكرمنا الله بتحية خيرٍ من تحيتك يا عمير، بالسلام؛ تحيَّة أهل الجنة)).
ثم قال: ((ما جاء بك يا عمير؟))، قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم،
فأحسنوا فيه، قال: ((فما بال السيف في عنقك؟))، قال: قبَّحها الله من سيوف،
وهل أغنَتْ عنَّا شيئًا؟! قال: ((اصدقني، ما الذي جئت له؟))، قال: ما جئت
إلا لذلك، قال: ((بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب
القَلِيب من قريش، ثم قلت: لولا دَين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل
محمدًا، فتحمَّل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني، والله حائلٌ بينك وبين
ذلك)).
قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنَّا يا رسول الله نكذِّبك بما كنت
تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمرٌ لم يحضره إلا
أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني
للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم تشهَّد شهادة الحق، فقال رسول الله - صلَّى
الله عليه وسلَّم -: ((فقِّهوا أخاكم في دينه، وأقرِئُوه القرآن، وأطلقوا
له أسيره)).
وأمَّا صفوان فكان يقول: أبشروا بوقعةٍ تأتيكم الآن في أيامٍ تُنسِيكم وقعة
بدر، وكان يسأل الركبان عن عمير، حتى أخبره راكبٌ عن إسلامه، فحلف صفوان
ألاَّ يكلِّمه أبدًا، ولا ينفعه بنَفْعٍ أبدًا، ورجع عمير إلى مكة وأقام
بها يدعو إلى الإسلام، فأسلم على يديه ناس كثير[/size]
صلو على سيد الخلق محمد رسول الله
[/size]